نفحات روحانية مع فضيلة الدكتور إسماعيل المرشدي
أشرف محمد المهندس ّّّّ.
و تعريف الحياء: الحياء لغة: مأخوذ من مادّة (ح ي ي) الّتي تدلّ على الاستحياء الّذي هو ضدّ الوقاحة، الحياء اصطلاحا: تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ، خلق يبعث على ترك القبح ويمنع من التّقصير في حقّ ذي الحق الحياء قسمان: غريزيّ، ومكتسب. والحياء المكتسب: هو الّذي جعله الشّارع من الإيمان، وهو المكلّف به دون الغريزيّ، وقد ينطبع الشّخص بالمكتسب حتّى يصير كالغريزيّ. وقد كان رسول الله قد جمع له النّوعان، فكان في الغريزيّ أشدّ حياء من العذراء في خدرها، وكان في المكتسب في الذّروة العليا , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ »
الترغيب في الحياء
الحياء صفة يحبها الله تعالى: عَنْ أَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ َ: «إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ» ، قُلْتُ: وَمَا هُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الْحِلْمُ وَالْحَيَاءُ» ، قُلْتُ: قَدِيمًا كَانَ أَوْ حَدِيثًا؟ قَالَ: «قَدِيمًا» ، قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ أَحَبَّهُمَا اللَّهُ 0 هو خلق الإسلام: عَنْ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ»
قال الفاروق عمر -رضي الله عنه-: “من قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه”. ولما احتضر الأسود بن يزيد بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟! قال: “ما لي لا أجزع؟! ومن أحق بذلك مني؟! والله لو أُتيت بالمغفرة من الله -عز وجل- لأهمني الحياء منه مما قد صنعت، إن الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه، ولا يزال مستحييًا منه
دليل على الإيمان: عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأنْصَار وَهُوَ يَعِظُ أخَاهُ في الحَيَاءِ، فَقَالَ رسولُ اللهِ «دَعْهُ، فَإنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإيمَانِ»
نماذج على الحياء
عن عائشة- قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي، كَاشِفًا عَنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرُ، فَأَذِنَ لَهُ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ ُ، فَأَذِنَ لَهُ كَذَلِكَ، ثُمَّ تَحَدَّثَ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ وَسَوَّى ثِيَابَهُ – قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ – فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهَشَّ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهَشَّ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ؟ قَالَ: «أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ؟»
عن أبي مسعود -رضي الله عنه -قال: قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- (إنَّ ممَّا أدرك النَّاس من كلام النبُّوَّة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت)
يؤدي إلى انتهاك المحرمات: عن ثوبان -رضي الله عنه-: عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: (لأعلمنَّ أقوامًا من أمَّتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله -عزَّ وجلَّ- هباءً منثورًا» قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: «أمَّا إنَّهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنَّهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها(
– قال تعالى: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
**** مرّ عمرُ بن عبيد الله بن معمر بعبدٍ يأكل عند بستان في المدينة وبين يديه كلب: إذا أكل لقمة أعطاه لقمة، فقال له عمر بن عبيد الله: أهذا الكلب لك؟! قال: لا، قال: فَلِمَ تطعمه مثلما تأكل؟! قال: إني أستحي من ذي عينين تنظر إليّ وأنا مستبد بمأكول من دونه. قال: أحرٌّ أنت أم عبد؟! قال: بل عبد لبني عاصم. فأتى عمر ناديهم فاشتراه، واشترى البستان، ثم جاءه فقال: لقد اشتريتك وأعتقتك لوجه الله. قال: الحمد لله وحده، ولمن أعتقني بعده. قال: وهذا البستان لك. قال: أشهدك أنه وقف على فقراء المدينة. قال: ويحك تفعل هذا مع حاجتك؟! قال: إني أستحي من الله أن يجود لي بشيء فأبخل به على خلقه.