” غزوة حنين “بقلم ابراهيم احمد موسى
بقلم : إبراهيم أحمد موسى..
عندما فتح اللّٰه مكة على رسوله- ﷺ-
والمؤمنين ، وخضعت له قريش ، خافت هوزان وثقيف وقالوا : قد تفرغ محمد لغزونا ، والرأي أن نغزوه قبل أن يغزونا ، وكان رأي” مالك بن عوف ” أن يخرجوا ومعهم نسائهم و أولادهم و أموالهم ؛ حتى لا يفروا ، ولكي يقاتلوا عن أهلهم وأموالهم ، وقال له “دريد بن الصمة” : “إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فُضِحت في أهلك ومالك “. ولكنه لم يستمع لمشورته .
_خرج المسلمون في إتجاه” حنين” في اليوم الخامس من شوال ، ووصلوا في مساء اليوم العاشر من شوال ، وقد استخلف الرسول -ﷺ- عتاب بن أسيد على مكة عند خروجه.
وكان عدد(جيش المسلمين) أثنى عشر ألفا جندي ، أما عدد (هوزان وثقيف) فكانوا أكثر من ضعف عدد المسلمين ، ولما رأي بعض *الطلقاء* جيش المسلمين قالوا : لن نغلب اليوم من قلة ، ودخل الاعجاب في النفوس، قال تعالي “لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ “
_خرج مع رسول الله- ﷺ -بعض من المشركين كثير ، منهم ” صفوان بن أمية ” ، وكان رسول الله -ﷺ- قد أستعار منه مائة درع بأداتها ، فأنتهى إلى حنين ، فبعث مالك بن عوف ثلاثة نفر يأتونه بخير أصحاب رسول الله ﷺ ؛ فرجعوا إليه وقد تفرقت أوصالهم من الرعب .
_وجه رسول الله – ﷺ – عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي فدخل عسكرهم فطاف به وجاء بخبرهم ، ولما جاء الليل جاء مالك بن عوف إلى أصحابه فعبأهم في وادي حنين ، واوصاهم أن يحملوا على محمد وأصحابه حملة واحدة ، وعبأ رسول الله – ﷺ – أصحابه في السحر ، وصفهم صفوفاً ووضع الألوية والرايات ؛ لواء يحمله “على بن أبي طالب” ، وراية يحملها “سعد بن أبي وقاص” ، ورواية يحملها “عمر بن الخطاب “، ولواء الخزرج يحمله ” حباب بن المنذر “.
_ أنحدر رسول الله – ﷺ – في وادي حنين وركب بغلته البيضاء دلدل ولبس الدرعين والمغفر والبيضة ، فاستقبلهم من هوزان شيء لم يروا مثله قط من السواد والكثرة ، وخرجت الكتائب من مضيق الوادي وشعبه فحملوا حملة واحدة ، فانهزم الناس اجمعون ، وانحاز الرسول – ﷺ – ذات اليمين ثم قال ” أيها الناس هلموا إلي أنا رسول الله أنا محمد بن عبدالله “. قاله ثلاثاً
ثم أحتملت الإبل بعضها بعضاً إلا أنه قد ثبت مع النبي – ﷺ – يومئذ نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته منهم ” العباس بن عبد المطلب ” و” علي بن ابي طالب ” و” الفضل بن عباس “و” أبو سفيان بن الحارث ” و ” ربيعة بن الحارث ” و ” أبوبكر الصديق ” و” عمر بن الخطاب ” و ” أسامه بن زيد “
وقال للعباس : ناد يا معشر الأنصار يا أصحاب السمرة يا أصحاب سورة البقرة ! فنادى ، فأقبلوا كأنهم الإبل يقولون ” يا لبيك يا لبيك! فحملوا على المشركين ، ونظر رسول الله – ﷺ – إلى قتالهم فقال : الآن حمى الوطيس ! أنا النبي لا كذب ، أنا بن عبد المطلب !
ثم قال للعباس بن عبد المطلب : ناولني حصيات ، فناولته حصيات من الأرض ثم قال : شاهت الوجوه ! ورمى بها وجوه المشركين وقال : انهزموا ورب الكعبه ! وقذف الله في قلوبهم الرعب ، فأمر الرسول – ﷺ – أن يقتل من قدر عليه ، فقتل المسلمون الذرية ، فبلغ ذلك النبي – ﷺ – فنهى عن قتل الذرية .
لما فرغ النبي – ﷺ – من حنين بعث أبا عامر على جيش الى أوطاس ، فلقي دريد بن الصمة فقتل دريد ، وهزم الله أصحابه ، قال ابو موسى: وبعثني مع أبي، فرُمي “أبو عامر” في ركبته ، رماه “جُشمي”فأثبته في ركبته ، فانتهيت اليه فقلت: يا عم من رماك؟ فأشار إلي فقال : ذاك قاتلي الذي رماني ، فقصدت له ، فلحقته ، فلما رآني ولى فأتبعته وجعلت أقول له : ألا تستحي ؟ألا تثبت؟ فكف ، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته ، ثم قلت لأبي عامر : قتل الله صاحبك ، قال : فانزع هذا السهم ، فنزعته فنزل منه الماء . ثم دعا النبي ﷺ ” اللهم أغفر لأبي عامر وأجعله من أعلى أمتى في الجنة ” ودعا لأبي موسى أيضاً .
_ ظفر المسلمون بالغنائم والسبايا ، فساقوا في السبي الشيماء أبنة الحارث بن عبد العزة ،فقالت لهم : إني والله أخت صاحبكم من الرضاعة فلم يصدقوها حتى أتوا بها النبي – ﷺ – فقالت له : إني أختك . قال : وما علامة ذلك ؟ قالت : عضه عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك ، فعرفها وبسط رداءه ، وأجلسها عليه وخيرها ، فقال : إن أحببت فعندي مُكرمة محبة وإن حبيت أن أمتعك وترجعي إلى قومك ؟ قالت : بل تمتعني وتردني إلى قومي ففعل .
_ أمر رسول الله – ﷺ – بالسبايا والأموال فجُمعت إلى الجعرانة وجعل عليها “بُديل بن زرقاء الخزاعي ” ، واستشهد من المسلمين بحنين ” أيمن بن عبيد “و هو إبن أم أيمن مولاة رسول الله ﷺ ، وأبو عامر الأشعري ، ويزيد بن الأسود ، وسراقه بن الحارث .