بوابة الجمهورية الاخبارية موقع اخباري شامل يضم كافة الاخبار المحلية والعالمية واخبار الاسعار والحوادث والتقارير الاخبارية

المحتوى العفوي الجميل: جمالية التلقائية في عالم مُخطَّ

- Advertisement -

بقلم [ محمد الصيعري ابو عامر ]

في زمنٍ تسيطر فيه التكنولوجيا على تفاصيل حياتنا، وتتحكم “التخطيط المسبق” في كل شيء من منشورات السوشيال ميديا إلى أسلوب حياتنا، يبرز **المحتوى العفوي** كَنسمة هواء نقي تُذكِّرنا بأن الجمال الحقيقي يكمن أحياناً في اللحظات غير المُعدَّة مسبقاً. إنه ذلك المحتوى الذي يخلو من التكلف، وينبثق من القلب دون قيود، ليُصبح مرآةً تعكس إنسانيتنا بكل بساطتها وعمقها.

**1. ما هو المحتوى العفوي؟**

هو كل تعبيرٍ أو فعلٍ ينشأ بشكل طبيعي دون تخطيط مسبق، كضحكة طفلٍ تَسْمعها صدفةً، أو منشور في “ستوري” يوثق لحظة حقيقية من اليوم، أو لوحة فنية تُرسم بدافعٍ داخلي دون حساب للنتائج. يتميز بـ:
– **الصدق**: فهو ليس مُصمماً لإرضاء الآخرين، بل يعبر عن مشاعر حقيقية.
– **البساطة**: يبتعد عن التعقيدات والتقنيات المُبالغ فيها.
– **اللحظة الزمنية الفريدة**: غالباً ما يكون مرتبطاً بـ”الآن وهنا”، مما يمنحه طابعاً استثنائياً.

**2. لماذا ننجذب إلى العفوية؟**
في دراسة أجرتها جامعة هارفارد، وُجد أن 68% من المشاركين يشعرون بثقة أكبر تجاه المحتوى العفوي مقارنة بالمحتوى المُنتج بدقة. والسر يكمن في:
– **كسر روتين الكمال**: في عالم تُسيطر عليه الصور المُفلترة، تمنحنا العفوية شعوراً بالراحة والانتماء.
– **إحياء الإنسانية**: كتسجيل لحظة ضحك غير متوقعة بين أفراد عائلة، تُذكِّرنا بأننا لسنا آلات.
– **التواصل العاطفي**: كما قال الفيلسوف اليوناني أرسطو: “في البساطة قوة”، والعفوية تجعل الرسائل تصل إلى القلب مباشرةً.

-- Advertisement --

**3. أمثلة على جمال العفوية في الثقافة والحياة**

– **في التراث العربي**: لم تكن القصائد الجاهلية تُكتب على وَقْع التخطيط، بل تنبع من اللحظة، كقول عنترة بن شداد: *”هل غادر الشعراء من متردَّم؟”*.
– **في الفن**: لوحات “فان جوخ” التعبيرية التي رُسمت باشتعالٍ عاطفي، دون حساب للألوان أو الأشكال.
– **في السوشيال ميديا**: انتشار “الريلز” والستوريات التي تُظهر الحياة اليومية بعيداً عن الكمال المزيف.

**4. التحدي: كيف نحافظ على العفوية في عصر التصنُّع؟**
رغم جمالها، تواجه العفوية تحديات في ظل سيطرة الخوارزميات التي تفضل المحتوى المُحسَّن، لكن الحل قد يكون في:
– **موازنة بين التلقائية والجودة**: كاستخدام كاميرا الهاتف لتسجيل لحظة عابرة دون إعداد إضاءة مثالية.
– **الابتعاد عن “التنميق” الزائد**: كما تقول الكاتبة إليزابيث جيلبرت: *”الكمال غير مطلوب، المطلوب هو الشجاعة لتكون أنت”*.

**5. العفوية كفلسفة حياة**
ليست العفوية مجرد أسلوب محتوى، بل هي **منهج عيش** يُحررنا من ضغوط التوقعات. كما يقول المثل العربي: *”خير الأمور أوسطها”*، فالتوازن بين التخطيط والاستسلام للّحظة هو مفتاح الإبداع الحقيقي. هل ننسى أن أعظم الاكتشافات العلمية (كالجاذبية) جاءت من ملاحظات عفوية؟!

**الخاتمة: دعوة للعفوية**
المحتوى العفوي الجميل هو تذكيرٌ بأن الحياة ليست مسابقةً للكمال، بل رحلةٌ من اللحظات الخام التي تستحق أن نعيشها بكل حواسنا. ربما علينا أن نتعلم من الأطفال – أساتذة التلقائية – الذين يرقصون تحت المطر دون خوف من التعليقات.، كما قال جبران خليل جبران:
> *”الحياة ليست إلا لحظة تُروى… فاجعلها قصةً يُحكى جمالها”*.

-- Advertisement --

Leave A Reply

Your email address will not be published.