تهاني عناني تكتب … معلم الخير
تهاني عناني ..
ذُكِرَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رجُلانِ، أحدهما عابدٌ، والآخَرُ عالِمٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: فضلُ العالمِ على العابدِ كفضلي على أدناكم ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ) صحيح الترمذي
في البداية نقول: إن نشر المواضيع العلمية الشرعية في المنتديات ونحوها من الأعمال الصالحة المبرورة المشكورة، كماجاء في فتوى العلماء،
وأما بخصوص الحديث الذي نعرضه، هل يشمل نقل المواضيع العلمية في المنتديات أم لا؟ فلم نقف على كلام للعلماء في ذلك، لكن ظواهر بعض الروايات الأخرى قد يفهم منها أن هذا الحديث مختص بالعالم، كما في حديث أبي الدرداء: وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء (صححه ابن حبان)
للعُلماءِ فضلٌ وأجرٌ عظيمٌ، وذلك بما مَنَّ اللهُ عليهم مِن العِلمِ الذي تَعلَّموه ويَنشُرونَه في النَّاسِ، فيَرفَعهم، ويَقودُهم نحوَ مَعالِمِ الخيرِ الَّتي يَصلُحُ بها شأنُ دينِهم ودُنياهم.
ذُكِر لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رَجُلانِ أحَدُهما عابدٌ، والآخَرُ عالِمٌ”، هل هُما مُستَوِيان في الفَضلِ والأجرِ، هذا بعِبادتِه، وهذا بعِلمِه؟ “
والمرادُ بالعالِمِ: هو صاحبُ العُلومِ الشَّرعيَّةِ مع قيامِه بما يَستَلزِمُ ذلك مِن عباداتٍ بدَنيَّةٍ مِن صلاةٍ وصومٍ، ونحوِ ذلك، وقَلبيَّةٍ مِن خشوعٍ وتَوكُّلٍ، ونحوِ ذلك، والمرادُ بالعابِدِ: المجتهِدُ في العبادةِ، وقد حصَّل قبلَ ذلك ما يَلزَمُه مِن عِلمٍ شرعيٍّ فيما يَخُصُّه مِن عِباداتٍ مأمورٍ بها أو يَفعَلُها تطَوُّعًا،
فبيَّن صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الفرْقَ بينَ الاثنينِ، فقال: “كفَضْلي على أَدْناكم”، أي: إنَّ العالِمَ يتَقدَّمُ في الشَّرَفِ والرِّفْعةِ على العابِدِ، كتَقدُّمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على أدْنَى أصحابِه رضِيَ اللهُ عَنهم، وفي هذا مبالغة شديدة في بيان فضل العالِمِ، إذ إنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لو قال: كفَضْلي على أَعْلاكم لكَفَى فضلًا وشرَفًا، فكيفَ وقد قال كفَضْلِي على أدْناكم،
ثم بيِّنَ سببَ هذا التَّفضيلِ قائلًا: “إنَّ اللهَ ومَلائِكتَه وأهلَ السَّمواتِ”، أي حَملَةُ العَرشِ، باقِي الملائكةِ فى السماء، “والأرضِ”، أي الإنسُ والجنُّ وجميعُ الحيواناتِ، “حتَّى النَّملةَ في جُحْرِها”، أي مَسْكَنِها في باطنِ الأرضِ، “الحوتَ” في أعالي البِحارِ، “لَيُصَلُّون”، أي: يَدْعون بالخيرِ “على مُعلِّمِ النَّاسِ الخيرَ”، أي العالِمِ، لِنَشرِه للعِلمِ بينَ النَّاسِ، والمرادُ بالخيرِ هنا: هو عِلمُ الدِّينِ الَّذي هو أنفَعُ لهم، به النَّجاةُ،
فهنا حث الحديث على أنه لابد للعالم من العبادة، للعابد من العلم، فتشبيههم بالمصطفى عليه الصلاة والسلام يستدعي العلم والعمل معاً فالعلم مقدمة للعمل، صحة العمل متوقفة على العلم، فالعالم أفضل إذ أنه لم يكن عابداً فعلمه وبال عليه، العابد الذى له علم العبادات إن كان جاهلا فهو عابث فاسق،
وفي الحديثِ الحثُّ على تعليمِ النَّاسِ الخيرَ،
وأيضاً الحَثُّ على الحِرصِ على العِباداتِ المتعدِّيةِ في النَّفعِ للغيرِ (كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الناس، والصدقة، والسعي في قضاء حوائج الناس…).