بوابة الجمهورية الاخبارية موقع اخباري شامل يضم كافة الاخبار المحلية والعالمية واخبار الاسعار والحوادث والتقارير الاخبارية

زيارة لضريح السيدة نفيسة…!!! بقلم: نادية لطفي

- Advertisement -

منذ زمن بعيد و أنا أحاول الإقتراب من المجاذيب و الغوص بداخلهم لمعرفة الأسباب التي أدت بهم لذلك المصير!، و بالفعل جاءت الفرصة من أمام ضريح السيدة نفيسة فبعد أن فرغت من أداء الصلاة و خرجت من المسجد، رأيت إمرأة هزيلة ضعيفة مكفهرة الوجه زائغة العين يبدو على ملامحها البؤس و التعب، تبكي بشدة بكاء مرير مزعت به قلبي.
إقتربت منها برفق، سألتها هل لي بأن أقدر على مساعدتك؟، لكنها لم تعبء وإستمرت في البكاء مصاحبه العويل، وأخيراً تحدثت بعدما جفت عيناها كورقة شجر في فصل الخريف و خفت صوتها كقطار إبتعد إنتظرت عبوره لأستكمل طريقي.
حدثتني عن حالها وما أدى بها لهذا الإنهيار العقلي والبدني فبدأت تسرد قصتها قائلة…
كنت متزوجة ولدي طفلين صغيرين عمر – عمره سنة- و كريم – ثلاث سنوات- كانت حياة هادئة في ظل حب وإخلاص و دفء مشاعر متبادلة بيني وبين زوجي، فأنا لم أملك من الحياة سواهم لأني يتيمة بلا أب وبلا أم -مقطوعة من شجرة- فكانو هم كل شئ لي و في حياتي، إلى أن جاء يوم إستأجرت فيه فتاة شقة بنفس الطابق الذي أسكن به، كانت تسكن أمامي فسارت بيننا عشرة أكثر من الأخوات فكنت أئتمنها على بيتي وأولادي، لا يمر يوم دون أن نأكل و نشرب سويا، لا نترك بعضنا سوى للخلود إلى النوم.
مرت الأيام و نحن نعيش أسرة واحدة أنا و زوجي و أبنائي و جاراتي، لدرجة أنني كنت أنزل لشراء طلبات البيت و أتركها بجوار أولادي و زوجي نائم، و عندما نخرخ للتنزة كانت تحمل أحد أطفالي و أنا أحمل الآخر، كانت ترعى أبنائي في وجودي و في غيابي.
و بمرور الوقت لاحظت بعد زوجي عني عاطفياً، و أنه دائماً مشغول البال، حتي أصبح يخطئ في إسمي و يناديني بإسم جارتي، خشيت على حياتي الزوجية و على بيتي و زوجي من تلك الصداقة، فبدأت أتراجع عنها و أقلل الزيارات ببعض الحجج، و في يوم كنت أنتظر روجوع زوجي من عمله متأخراً كعادتي، فشعرت بصوت منخفض خارج شقتي، و بعض الهمسات، ذهبت أنظر من خلف الباب لمعرفة مصدر الصوت، فإذ بالمفاجاة…!!

-- Advertisement --

زوجي يخرج من شقة جارتي، و هما يتبادلان القبلات الملتهبة عقب خروجه من شقتها.
لم أمتلك أعصابي، ظليت أصرخ في دهشة لم أصدق ما رأيته، و ما وصلنا إليه…
فما كان من زوجي إلا أنه قام بضربي و وضع يده على فمي و تهديدي بأن أكف عن الصراخ، و الفضائح.، مهددني بأنني إن لم أتوقف فلن أرى أولادي مرة أخرى – إسكتي خالص وإلا مش هتشوفي ولادك تاني أبداً غير في الاحلام-و بعد الضرب العنيف و إدخالي إلى داخل شقتي بالقوة و العنف، ظليت أبكي الليل كله حتى نال النوم مني.
مع طلوع شمس يوم جديد و في الصباح وجدت زوجي و جارتي معه داخل شقتي محدثها بدلال قائلاً لها نورتي بيتك يا عروسة حاملاً حقيبة أمتعتها، فتحت عيني على تلك المصيبة التي حلت عليا و على بيتي، قمت بطردها من بيتي و من حياتي و لكني لم أستطع، فقد قام زوجي بطردي أنا من بيتي و حرماني من أولادي، و أخذ يدفعني بقسوة خارج البيت، بمفردي دون أمتعتي… دون أولادي… لتأخذني عجوز تسكن بمفردها في عمارة تطل علي شقتي و تكشفها تماماً.
ً إضطريت أن أمكث عندها فليس لي أهل، ولكي أرى أولادي من النافذة المطلة عليهم، حتي جاء اليوم.. الموعود..
نظرت من النافذة للإطمئنان عل أولادي فرأيت زوجة الأب تخرج و تغلق باب الشقة خلفها و تترك أولادي بفردهم، أخذ إبني الصغير يبكي من الجوع و يصرخ و إبني الأكبر يحاول إسكاته، ثم دخل المطبخ و خرج و هو يحمل ببرونة مملوئة بالبن و أخذ يحاول إرضاع الصغير، لكنه لم يكف عن البكاء حتى أصبح الكبير أيضاً يبكي بجانبه…
كنت مثل المجنونة أخذت أنادي عليهما أنا هنا أنا بجانبكما لا تبكيان لا تخافا -متعيطوش متخافوش يا حبيايبي- و فجأة وأنا أنظر إليهما من النافذة، إذ بدخان كثيف يملئ المكان ثم نار تشتعل بالشقة وأنا أصرخ أولادي يتحرقوا أغيثونا الحقونا، جريت في الشارع و طلعت السلالم و حاولت كسر الباب و أنا أصرخ و الجيران تلاحقني.
جاء رجال الإطفاء و منعوني من الدخول و هم يشدونني على ظهري يحاولو إخراجي من وسط النيران المشتعلة، لم أسمع في وسط كل ذلك الوقت سوى صوت أولادي الصغار لم أرى سوى لهيب النار المشتعلة في قلبي، أخذت أصرخ -عايزة ولادي- و رجال الإطفاء يدخلوا و يخرجوا و يقولو لم نجد اي أولاد بالشقة لايوجد سوى عروستين لعبة في البلكونة، صرخت و قلت لهم أولادي صبيان لم يكن لديهم أية عرائس لعبة، و عندما هرولت للبلكونة إكتشفت أن العروستان المتفحمتان كانتا ولدي كانتا عيالي.
إحترق أطفالي و إحترق قلبي معهما فكيف أعيش بدونهما؟ فلم يكن لي سواهم…….
هنا وجدت المرأة و قد غابت عن الوعي و أخذت تردد بصوت تملئه الحسرة ” لما قالولي دة ولد إتشد ضهري و إتسند” .
هنا تركتها و أنا كلي ألم و أسى لأني أعلم جيداً بأنه لايوجد أغلى من الولد، و علمت أن لديها الحق أن تصبح هكذا مع المجذوبين، فما رأته و ما عانت منه لا يقدر على تحمله بشر و لا حتى الجبال.

-- Advertisement --

Leave A Reply

Your email address will not be published.