هناك مشاعر خاصة جدا تنتاب البشر أثناء المرض تختلف تماما عن مشاعر السجين او المسافر او المكروب لأي سبب ما . فالمرض كربُ عظيم . وقد نال المريض ما ناله من اهتمام في الموروث الديني والشعبي يُعظم من أهمية ذاك الكرب ، ويحث الأخرين علي البذل المخلص الحاني بكل اشكاله تجاهه .
فنشأنا علي ان زيارة المريض او عيادته واجبه بغض النظر عن علاقتنا بهذا الشخص بل وبغض النظر عن سماته وخُلقهِ . والامر بالأمر يُذكر ؛ فقد يحظى الأطباء النجباء النبلاء بمحبة وتوقير اجتماعي لعظم وجلال كرب المرض ؛ فرحمة الله تجد سبيلها و تتنزل عبر هذا الطبيب علي عباده ، خاصة وان كان متمتعا بسمعة وخلق نبيل.
هذه الفكرة استدعتها حلقة ممتعة للطبيب المصرى بروف صلاح سعيد والذى كُرم في بولندا بوسام رفيع المستوى عن مجمل اعماله العلمية كطبيب للقلب وعن اعماله الخيرية .
وما لفت انتباهى واهتزت له نفسي أحد أهداف الجمعية الخيرية التي اقامها وهو : تحقيق الأمنية الأخيرة لدى المرضى واتضح من الشرح انهم المرضي المقعدين والمتعايشين مع مرض عضال . فيتمني أحدهم ان يذهب الي الشاطئ ، ويتمني أخر مشاهدة مباراة ما في الاستاد ، واخر يتمني الذهاب لرحلة يتمتع بها بأجواء الطبيعة ، وبناءا عليه توفر الجمعية ما يلزم من سياراة اسعاف للمريض وسيارة حاملة لكل ما قد يحتاج اليه بالرحلة من معدات طبية وغيره لتأمين تحقيق هذه الأمنيات البراقة المفرحة. “حاجة كده ولا في الخيال ” !!
هناك بشر لا يبحثون فقط عن تلبية المأكل والمشرب والدواء بل تسعي لتحقيق أمنية حبيسة قلب وعقل المريض المقعد والتى قد يخجل ان يفصح عنها ولو لأقرب المقربين ، فيقول في نفسه كفاهم ما يبذلونه معي من جهد ووقت لراحتي وهذا مطروح في كل الثقافات ، فالمريض شخص يرى نفسه ثقيل العبء ، أيا كان موطنه ولغته. يا لإنسانية الفكرة والقائمين عليها !!!
والحقيقة ان كل هذا بتمويل خيري من جهات عدة ومنها المدارس ، فهناك بعد تربوى يتم تحقيقه بعرض فيديوهات لرحلات امنيات المرضي ومدى سعادتهم بها
واثرها النفسي والعضوى عليهم.
فيبادر الطلاب بالتبرع والبذل بعدما أحسوا بأهمية هذا العمل وتأثيره البهيج علي المرضي .
هذه الافكار وتلك الموضوعات ليست للتندر والتفكه ، وليست بمحض المقارنة مع بشر لا يجدون قوت يومهم .فرب هؤلاء هو رب هؤلاء ، ولن تستقيم الحياة بدون متناقضاتها كالراحة والكرب والغني والفقر ، والامن والخوف . والصحة والمرض ، فلنمتن لما نحن عليه من نعم فمؤكد هناك الأشقى والأحوج والمحروم .
“فالحكمة هى أخد العبرة “
رابط حلقة مصر تستطيع مع البروف المصرى المُكرم د صلاح سعيد في التعليق الاول .
وزيارة المريض لها فضل كبير، ويكفى في فضلها أن الملائكة تستغفر للزائر، واستغفار الملائكة مجاب إن شاء الله، فعَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضًا مُمْسِيًا، إِلَّا خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَتَاهُ مُصْبِحًا، خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ». سنن أبي داود (3/ 185) .