بقلم السفيرة الدكتورة / ماجدة الدسوقي
باديء ذي بدء يجب التفريق بين كلمتين تختلط معانيهما لدى الكثير من الناس : أولهما كلمة الإشاعة وهي تضخيم الأخبار الصغيرة وإظهارها بصورة تختلف عن صورتها الحقيقية ، وثانيهما الشائعة وهي أقوال أو أخبار أو أحاديث يختلقها البعض لأغراض خبيثة ويتناقلها الناس دون التثبت من صحتها . ما هي الشائعات ؟ هي مجرد أخبار زائفة تنتشر بصورة سريعة بين الناس وهي في الغالب تكون مثيرة وشيقة ولكن جلها كاذبة ومع ذلك فهي تثير فضول المجتمع ولأنها شائعات فإنها تفتقد لمصادرها الموثوقة التي تدل على صحة هذه الأخبار . ودائما تزيد الشائعات في ظروف خاصة مثل الحروب مثلا كما أن هناك شائعات أخرى كثيرة جدا في أوقات السلم . ما هي أهداف مطلقي الشائعات ؟ طبعا من أهدافهم الهدف المادي لرفع قيمة سلعة معينة أو منتج صناعي ما سينزل الأسواق قريبا ، أما الهدف الآخر لها فهو هدفا سياسيًا حول شخصية معينة أو حدث إجتماعي خاص وجديد وخاصة في الإنتخابات في بلد ما وذلك من أجل تمكين حزب معين للفوز في الإنتخابات . أما النوع الآخر من الشائعات فهو التي تتناول شخصيات المشاهير في المجتمع ؛ أخبارهم الشخصية أو مشاكلهم المادية أو زواجاتهم وخلاف ذلك وهذا كله للتشهير ويظهر على صفحات المجلات والصحف . أصبحت الشائعات صناعة لفئة متخصصة في صياغتها لترديد مواضيع مرتقبة أو متوقعة الحدوث لأغراض خاصة أما أسباب إطلاقها فهو عدم توفر المعلومات الدقيقة تجاه موضوع معين وهذا يبيح لهذه الفئة إطلاق الكلام على عواهنه بما يعلمون أو لا يعلمون ! ولهذا من واجب الدولة أثناء زخم تردد الإشاعات تزويد الشعب بالمعلومات الصحيحة والدقيقة عبر وسائل الإعلام لردم هذه الإشاعات أو حتى مسحها من عقول الناس . حذر الإسلام من خطر نقل الأخبار الكاذبة وبث الاشاعات وآثارها السيئة على أمن الامة وسلامتها وما قد تحدثه من خلل أو فوضى إجتماعية . يقول الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ” . الشائعات تعمي عن الحق وعن الصراط المستقيم : كم من أب قتل إبنته والسبب شائعة وكم من زوج طلق زوجته ودمر بيته والسبب الإشاعات . من أخطر ضرر الشائعات إثارة الفتنة. في المجتمع والوقيعة بين الناس لأنها تفرق الأمة وتفضي الى عدم الثقة بين الناس بدلا من التراحم والتوافق والإتفاق والمحبة والود بين أفراد المجتمع الواحد . يتردد أحيانا في المجتمعات مصطلح الطابور الخامس وهم مطلقوا الإشاعات الكاذبة أو المرجفون ؛ ولا شك أن الشائعات جريمة ضد أمن المجتمع مثيرة للإضطراب والفوضى في الأمة . إن أخطر أنواع الشائعات ما يسود قبل الحرب وأثناء الحرب مما قد يسبب الإنهزامية والخوف لدى الناس وخاصة إذا إستطاع الأعداء أن يستنبطوا مكامن الضعف عند الطرف الآخر ويستغلها لصالحه لكي ينتصر ويكسب جولات القتال . الإشاعات أنواع مختلفة منها ما ينتشر ببطء وسرية أو بسرعة فائقة وأخطرها إشاعات الخيانة في زمن الحروب والازمات المصيرية وتمس القادة العسكريين والسياسيين ولعل أحدث إشاعة الآن إختفاء أو عدم ظهور وزير الدفاع الروسي . أما السبب الرئيسي لإنتشار الإشاعات وتغولها هو الجهل وقلة الوعي في مجتمعات جاهلة ليس لشعوبها القدرة على التمييز وتحليل الوقائع والأخبار.