من رواد الفكر الليبرالى فى مصر
أحمد لطفى السيد
——————-
للدكتور حسن عبد العال كلية التربية جامعة طنطا. متابعة : أحمد عبد الحميد لاتذكر الليبرالية والتيار الليبرالى فى مصر الا مقترنا باسم ” أحمد لطفى السيد ” ، فهو أول مثقف مصرى قدم صياغة وافية ناضجة ومتكاملة لمقولات الفكر الليبرالى فى المجتمع المصرى ، بل يأتى على رأس الرواد فى فكرنا العربى الذين حفروا القنوات الأساسية التى خرجت منها تيارات هذا الفكر ، وأول من صاغ فى مصر هذا الفكر صياغة أيديولوجية لها معالمها المحددة ولها مفاهيمها الفلسفية على الصعيد الاقتصادى والاجتماعي والسياسى على حد قول ” لويس عوض ” .
وفى تحليله للخطاب الليبرالى عند أحمد لطفى السيد ، يذهب الدكتور السيد الزيات ، أن هذا الخطاب يتمثل بصفة أساسية فى مقولتين :
الأولى هى : ” القومية المصرية ” : وقناعات لطفى السيد أن الاستقلال السياسى هو معنى الوجود القومى ، والسعى إلى تحقيقه هو فرض عين على كل مصرى ، فحرية الأمة السياسية حق لها بالفطرة لا ينبغى لها أن تتسامح فيه ، او تتنازل عنه لغيرها لا بكله ولا بجزئه لأن الحرية لا تقبل القسمة ولا تقبل التنازل.
ويتركز مفهوم القومية المصرية — فى رأيه — على الإيمان بالوطن المصرى ، وأن هذا الوطن له حدوده ومشكلاته المادية والبشرية التى تميزه عن غيره من الأوطان ، والمصرى ألحق الجدير بشرف الانتساب إلى الأمة المصرية هو الذى لا يعرف وطنا آخر غير مصر ، أما الذى له وطنان يقيم فى مصر ويتخذ له وطنا اخر على سبيل الاحتياط فبعيد أن يكون مصريا بمعنى الكلمة ولقد قال : ” لقد أقمنا فى مصر وطنا لنا ، وعقدنا معها عقد صدق ترزقنا من خيرها ، ونقوم على مصالحها ونفدى شرفها بأرواحنا ”
المقولة الثانية هى ؛ ” الديموقراطية السياسية ” وينبثق التصور الديمقراطى عند لطفى السيد من رفضه التام للحكم الأوتوقراطى او ما يسميه ” الحكومة الشخصية ” من ناحية ، ومن ايمانه العميق بحرية الفرد وحرية الأمة ، ويرجع رفضه الأوتوقراطية إلى أن الحكومة الشخصية لا تستمد وجودها إلا من أصل واحد هو عبادة القوى ، عبادة القاهر وما يجتمع حول تلك العبادة من الأوهام التى تتجسم فى رؤوس العامة ، فيعبدون الملوك والسلاطين ويخشونهم ويقدسونهم كأنهم آلهة أو أنصاف آلهة يقول لطفى السيد ” لا أنكر أن حكومة الفرد — من كونها أحط أشكال الحكومات — قد تكون ضرورية ولكن وأين ومتى ؟ لا فى مصر ولا فى القرن العشرين ، بل فى زمن من أزمان الجهالة المظلمة ، وفى أمة وحشية ” .
ويعتقد لطفى السيد — عن حق — أن كل مانعانيه نحن المصريين من سوء حال إقتصادية أو سياسية إنما سببه الأصيل هو نقص الحرية فى نفوسنا نقصا فاحشا جره علينا الاستعباد القديم . . . ولذا فنحن المصريين أحوج ما نكون لتوسيع ميدان العمل لحرية الفرد حتى يسترجع ما فقد من الصفات الضرورية الرقى المدنى والمزاحمة فى معترك الحياة .
وتأسيس على هذا الاعتقاد يقرر لطفى السيد فى وضوح ان المذهب الجدير بالإبداع فى مصر فى الظروف التى نحن فيها هو مذهب الحرية ( الليبرالية ) أو مذهب الحريين كما يقول ، وهذا المذهب يقضى فى أصله بأن لا يسمح للمجموع فى البلاد الحرة او للحكومة ( فى بلاد مصر ) أن تضحى بحرية الأفراد ومنافعهم لحرية المجموع أو الحكومة فى التصرف فى الشؤون العامة . . ويجب أن يقف سلطان الحكومة داخل حدود الضرورة ولا يتعداه إلى سلطة الأفراد فى دائرة عملهم ، لأن كل حق تضيفه الحكومة الى ذاتها انما تأخذه من حقوق الأفراد ، وكل سلطة تسندها إليها ضغط على حرية الأفراد .
وكم تدفعنا وقائع وأحداث الحياة اليوم إلى تذكر رائد الليبرالية العظيم أحمد لطفى السيد