تقدم ليلى سعيد في كتابها الخامس في مسيرتها الأدبية مجموعة من النصوص الجيدة والمشوقة بعنوان (متاهات الرمل) والذى قدم له الأديب د. عبدالعزيز آدم الذى تمنى لها دوام النجاح وشكرها على المستوى الذي وصلت إليه في المجال الأدبي وكذلك بتقديم من الزميل والصديق الأديب المعروف حمدي عبدالرازق يشكر لها هذا المجهود ويتمنى لها دوام التوفيق والنجاح وهذا دليل على تميزها بشهادة اثنين من كبار الكتاب وأقول أيضا أنا بداية بالعنوان وهو (متاهات الرمل) فالعنوان يوحي للمتلقي بالصحراء الشاسعة ولكنها استخدمت اللفظ كمفرد (الرمل) وليس رمال لتدل على إنها رمل واحدة وليس مجموعة رمال واستخدمت كلمة جمع متاهات وليست متاهة واحدة مما جعل المعنى الواصل للمتلقي أنها دخلت صحراء واحدة شاسعة وتاهت فيها عدة متاهات ما هي الصحراء وماهي هذه المتاهات وأنواعها لم تخبر المتلقي بها ولم تخبر ولم تخبر المتلقي ما سبب هذه المتاهات وأيضا من الملاحظ أنها كانت يمكن أن تقول في متاهات الرمل ولكنها حذفت حرف الجر وكانت ممكن أن تستخدم إسم الإشارة هذه ولكنها حذفته أيضا مما جعل العنوان مفتوحا دون تحديد.. أما عن الإهداء تتوجه بالإهداء إلى الأستاذة زينب عدلي وهي تستحق الإهداء. كما أن هذا الوفاء ليس غريبا على الأستاذة ليلى سعيد ، ثم نأتي إلى نماذج من الأعمال.. وأبدأ بالنص ٣٠يونيو ص١٥ لأنه نص يدل على شجاعة الكاتبة حيث ترفض الإخوان والتصرفات الغريبة منهم وفكرهم ومصير البلد إذا استمروا في الحكم. وتعبر عن الحالة التي وصلنا إليها في زمانهم بكل بساطة وسهولة وأن الشعب حينها شعر بضياع مصر هب واقفا إلى أن وصلنا إلى ثورة ٦/٣٠ مع جيش مصر العظيم. وهي بهذا النص انتقلت من الشأن الخاص ككاتبة إلى الشأن العام والخوف على مصر ورفع الوعي لدى الناس وهذا يحسب لها بالطبع أما النص الثاني (أوهام خرافية) ص١٨ تتحدث فيه عن الحالة النفسية في الإنسان ما بين فرح وحزن وتشاؤم إما بسبب السعادة أو التعب النفسي الذي يمر بهما الإنسان في حياته وتلخص حالة التشاؤم قد تكون بسبب طائر أو موقف أو إنسان وهذه الأمور هي بالطبع من الموروث الشعبي لدينا خاصة في القرى والريف وهي هنا تضع حلا من وجهة نظرها إذا الإنسان اعترته هذه الحالة أن يشغل نفسه بأي شيء مثل التلفاز وأنا معها لابد أن يخرج الإنسان من هذه الحالة مسرعا إذا اعترته عن طريق ممارسة الحياة بجمالها وعدم الاستسلام لهذه الأوهام والأمراض النفسية فورا وأفضل هذه الطرق بالطبع هو ذكر الله.. وينصح العلماء وأساتذة الطب النفسي هنا بممارسة الحياة الطبيعية بكل جمالها وقراءة القرآن. فمن نعم ربنا على الأدباء موهبة الكتابة وقد أثبت علماء الطب النفسي في العشر سنين الأخيرة أن أقل نسبة مرض نفسي لا تكاد تذكر هي عند المبدعين لأن من فضل الكتابة دائما أن الإنسان يستريح أولا بأول لأنه يكتب في جميع حالاته سواء حزين أو سعيد أو مضطرب وبالتالي هو مرتاح دائما ولا يوجد لديه تراكمات نفسية.. أما النص الثالث وهو أخر نص في المجموعة هو النص المدهش حقا الذي يذهل المتلقي رغم أنه لا يتعدى جملة أو جملتين وتقول فيه (يتصارعون حول جثمانه ثم تسأل بلما؟ وتقول في الجملة الأخيرة وإكرام الميت ( دفنه) . وعنصر الإدهاش هنا رغم قصر الجمل فيه أنه أثناء تشييع الجثمان والجنازة. ناس يتصارعون فما هو سر الصراع ومن هو المتوفي ومن هم الذين يتصارعون…؟ وتترك لكل متلقي أن يفسر الموقف حسب ثقافته وتعليمه. هل المتوفي رجل صاحب منصب كوزير مثلا والناس تتصارع على المنصب بعده…؟ أم المتوفي رجل غني وأولاده يتصارعون على التركة قبل دفنه…؟ أم المتوفي رجل مكروه وسط الناس والناس تتصارع من أجل سرعة دفنه والخلاص منه…؟
وبهذا تكون قد تركت لكل متلقي حسب شخصيته أن يتصور الموقف وأنها في النهاية تؤكد على القاعدة الإسلامية المهمة إكرام الميت دفنه. ومن خلال كلامي هذا أقول إن الأستاذة ليلى سعيد وصلت إلى مستوى رائع من الإبداع من حيث اختيار عنوان للكتاب الذي تقدمه ومن خلال اللغة التي تكتب بها ومن خلال اختيار الموضوعات التي تكتب عنها ومن خلال الاهتمام بالشأن الخاص والشأن العام.