ان أرواح الأحياء تتلاقى ببعضها وكذلك تتلاقى أرواح الأموات ، وتتلاقى أرواح الأحياء مع أرواح الأموات ، وقيل أن أرواح الأموات تلتقي بعضها و تتبادل الزيارات، وهناك الكثير من الأقوال التي قيلت في هذا الصدد ، من بينها
– ومن اقوال ابن القيم رحمه الله : (شواهد هذه المسألة وأدلتها أكثر من أن يحصي ها إلا الله تعالى والحس والواقع من أعدل الشهود بها ، فتلتقي أرواح الأحياء والأموات كما تلتقي أرواح الأحياء)
– وقد قال الله تعالى ) اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون)
– ثم ذكر أثرا عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية أنه قال : بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتساءلون فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها .
– وذكر ابن أبي حاتم في تفسيره عن ذلك قوله : إن الله يتوفي أرواح الأحياء في حال النوم فيلتقي روح الحي وروح الميت فيتذاكران ويتعارفان وترجع روح الحي إلي جسده في الدنيا لاستكمال أجله
أنواع تلاقي الأرواح عند ابن القيم
قسم ابن القيم الأرواح إلى قسمان قسم معذب وآخر منعم، فالارواح المعذبة مشغولة بعذابها عن التلاقي اما الأرواح المنعمة : وهي المرسلة تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا.
فتكون كل روح مع من يشبهها ، وتتلاقي الأرواح المتشابهة والمتآلفة في الدنيا وفي البرزخ حيث قال رسول الله يحشر المرء مع من أحب.
وقد قال قال ابن أبي الدنيا ولما توفى بشر بن البراء بن معرور وجدت عليه أمه وجداً شديداً ( أي حزنت عليه حزناً شديداً ) ، فقالت يا رسول الله : إنه لا يزال الهالك يهلك من بني سلمه ، فهل تتعارف الموتى فأرسل إلى بشر السلام ؟
فقال رسول الله نعم والذي نفسي بيده يا أم بشر إنهم ليتعارفون كما تتعارف الطير في رؤوس الشجر
وقد ذكر ابن القيم في تفسيره ان هناك وفاتين وفاة كبرى وهي وفاة الموت، ووفاة صغرى وهي وفاة النوم ، وقسم الأرواح قسمين قسما قضى عليها الموت فأمسكها عنده وهي التي توفاها وفاة الموت ، وقسما لها بقية أجل فردها إلى جسدها إلى استكمال أجلها وجعل سبحانه الإمساك والإرسال حكمين للوفاتين المذكورتين أولا.
فهذه ممسكة وهذه مرسلة ، وأخبر أن التي لم تمت هي التي توفاها في منامها فلو كان قد قسم وفاة النوم إلى قسمين وفاة موت ، ووفاة نوم.
مظاهر تلاقي الأرواح في الدنيا
و ذلك له العديد من صور منها
– ظاهرة الشعور بالاخر عن بعد : ويحدث ذلك في الاستيقاظ مثلما حدث لعمر ابن الخطاب مع حارثة و ذلك يعتمد على مدى نقاء الإنسان وشفافيته ومدى تعلقه بالمادة والدنيا ، وهو يحدث لبعض الناس لكي يعرفوا أن هناك إدراك خارج نطاق الحس فهو وإن كان يرى بعينيه يقظة ما يحدث في مكان آخر لكنه خارج نطاق الحس فالعين والأذن مدى تعمل في نطاقه.
– وقد تفكر في شخص وتجده أمامك ، وأحياناً يشعر الإنسان بما يحدث لمن أحبه رغم بعد المسافات ، فقد تتعلق روحان ببعضهما وتشتد علاقة احدهما بالأخرى فيشعر كل منهما ببعض ما يحدث للآخر، وإن لم يشعر بما يحدث لغيره وبالأخص الأم قد تشعر بما يحدث لأولادها وإن كانوا بعيدين عنها. و نفس الحال للتوائم المتماثلة على الرغم انهم روحين منفصلين عن بعضهم البعض .
– وتتلاقى أرواح الأحياء فى نومها فقد يرى الشخص ما يحدث لمن أحبه ويتأكد ذلك فيما بعد ، ( وقال ابن القيم ) فمن العجب أن الأرواح المتحابة تتلاقى ولو بينها مسافات بعيدة فتتألم وتتعارف فيشعر ما يحدث له كأنه بجواره و عندما يراه فيتأكد بما شعرت به روحه من قبل.
– ان الأرواح تتلاقى وتتآلف حتى ولم تتلاقى اشخاصها من قبل وما يدل على ذلك عندما تشاهد شخص لأول مرة ترتاح له نفسيا وآخرلا ترتاح له رغم انه المشاهدة الأولى له وهذا يأكده قول رسول الله ﴿ إن الأرواح جنود مجنده تلتقي في الهواء فتتشام كتشام الخيل فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف