فنون التفكير الإبداعي و السليم
بقلم /د. لطيفة القاضي
ميز الله تعالى الإنسان عن باقي المخلوقات بالقدرة على التفكير والإدراك والتميز والاختيار ؛ فالتفكير هو السمة والصفة التي تميّز بها بنو آدم في هذا الكون، وهو ناتج عن الإعمال الصحيح للعقل، وعن استغلال مختلف الظروف، والأحوال، والمعلومات التي يتفاعل الإنسان معها بشكل يومي وبطريقة صحيحة.
وكل نتيجة صحيحة تعتبر نتيجة حتمية لكل نمط صحيح في التفكير والادراك العقلي، وهذا ممّا يساعد الإنسان على التطور وبلوغ الآفاق وبلوغ كل ما يتمني؛ فالإنسان الذي يُعمل عقله بالطريقة الصحيحة، ويستفيد من كافة العوامل الأخرى هو أجدر بالنجاح ممّن ركن واطمأنّ إلى استنتاجات الآخرين، وهذا النوع من الأشخاص قطعاً هو عالة على الإنسانية، وهو لم يدرك بعد حجم المسؤولية والأمانة التي وضعها الله تعالى على كاهله
.يعتبر الإدراك الواعي لمصادر الخطأ في التفكير هو المصدر الرئيسي الذي نستطيع أن نعتمد عليه لتحسين تفكيرنا. وكلما ازداد تفكيرنا وضوحًا, كلما أصبحنا أفضل في اتخاذ القرارات, وحل المشاكل, وأيضًا في وضع الأمور في منظورها السليم.
وإذا حافظت على التفكير السليم فسوف تصبح أكثر قدرة على وضع الأمور في منظورها الحقيقي, والتفكير السليم ليس دائمًا سهلاً إذ أنه من الصعب أن تفكر بطريقة منطقية ـ أي ترتيب النتائج على المقدمات ـ والتفكير السليم ووضع الأمور في نصابها من الرزق الوفير الذي يسوقه الله إلى العبد, وهو الحكمة التي تجعل الإنسان يضع الأمور في نصابها الحقيقي, وقد امتن الله على أصحاب العقول وأولي الألباب, ووصف أصحاب الفهم السليم بأنهم أصحاب العقول والنهى ولكي نفكر بصورة سليمة علينا أولاً أن نتجنب الأخطاء التي تضللنا في تفكيرها
فيعاني بعض الأفراد من خلل في التفكير؛ أي من عدم القدرة على إنتاج الأفكار الصحيحة والسليمة، وهذا ممّا يساهم بالضرورة في تشويه معالم حياتهم، وجعلهم يواجهون صعوبات عديدة وكبيرة جداً، وفيما يلي نذكر بعض أبرز النصائح للوصول إلى طريقة صحيحة في التفكير .
يجب على كل إنسان أن يزيد من ثقافته العامة من خلال القراءة، والاحتكاك بالآخرين، والخوض في التجارب المختلفة، والتعاطي مع الفنون، وغير ذلك من الوسائل؛ فالثقافة العامّة توسّع مدارك الإنسان، وتجعله حكيماً أكثر، وقادراً على الوصول إلى النتائج المرجوة.
مع أنّ العاطفة والعقل قد يعملان بشكل متآزر ومتضافر في العديد من الأحيان إلى درجة يصعب بها التفريق بينهما، إلا أنّه وفي مواقف أخرى يجب الفصل التام بينهما، فأحياناً يكون التفكير العقلاني سبيلاً من سبل إشباع العاطفة وإرضائها، فلو لم يعمل العقل بالشكل المطلوب، ولو لم تُحيَّد العاطفة لكانت النتائج كارثية.
يجب على المفكّر أن يعي المُدخلات أولاً بشكل جيد وأن يستعمل المعطيات الصحيحة من أجل الوصول إلى النتائج الصحيحة، وهذا لا يتأتى إلا من خلال الإلمام الكبير بالواقع، ومحاولة التفاعل الجاد والتعاطي الجيد معه.
إبعاد كافة المؤثرات غير الضرورية، ومن أهمها التأثيرات السلبية، وآراء الآخرين الهدامة أو المتأثرة بالعادات البالية، والتقاليد السيئة، والأفكار العقيمة التي لا تنتج الجديد، فلو استطاع الإنسان تحييد هذه المؤثرات فإنّه حتماً سيصل إلى نتائج ترضي عقله وضميره في الوقت ذاته.
استشارة الآخرين من ذوي الحكمة، والرأي الراجح، الذين لا يعرفون المجاملة أو المداهنة، والذين يمتازون بالصراحة التامة، والأخلاق الرفيعة.
يقال إنّ الحكيم هو من يتعلّم من أخطاء الآخرين، ومن هنا فإنّ وضع أخطاء الآخرين بالحسبان أثناء التفكير هو السبيل الأنجح للوصول إلى النتائج الصحيحة بالشكل الأمثل والأفضل.
التفكير الذي يتسم بالمصداقية مع النفس والوعي التام يقود الإنسان الي حياة طيبة خالية من المعيقات والعقبات التي تهدم التفكير السليم ،فلابد قبل اتخاذ أي قرار أن نفكر جيدا لكي نصل الي أهدافنا بالطريقة السليمة التي لا يشوبها أي شائبة،فكلما كان التفكير أدق كانت النتائج صحيحة وملموسة تؤدي الغرض .