بوابة الجمهورية الاخبارية موقع اخباري شامل يضم كافة الاخبار المحلية والعالمية واخبار الاسعار والحوادث والتقارير الاخبارية

عندما كانت إهناسيا المدينة عاصمة لمصر

- Advertisement -

بقلم  دكتور محمد إبراهيم محمد..

بوزارة السياحة والآثار- متخصص المصريات
تعتبر إهناسيا من المدن المهمة في مصر القديمة , وقد ذكرها شامبليون باسم إهناسيا المدينة “هيراقليوبوليس”، وكانت العاصمة السياسية لمصر في فترة العصر الإهناسى (الأسرتين التاسعة والعاشرة)، وهى الآن إحدى مراكز محافظة بنى سويف وتقع على الضفة الشرقية لبحر يوسف مقابل مدينة بنى سويف على بعد حوالي 16 كم الى الغرب منها، وحوالي 88 كم إلى الجنوب من مدينة منف القديمة، وتقع منطقة آثار دشاشة إلى الجنوب منها، وجبانة سدمنت الجبل شمالها، وكانت إهناسيا في البداية عاصمة إقليم “نعرت خنتت” . وعُرفت إهناسيا في اللغة المصرية القديمة “حوت نن نيسوت” أي “مقر الطفل الملكي” ثم حُرف الاسم في العربية إلى إهناسيا، وعُرفت في اليونانية باسم (هيراقليوبوليس) أي مدينة هرقل.
-يعتبر المعبود حريشف المعبود الرئيسي لإهناسيا المدينة، وكان أقدم ظهور لاسمه كان على حجر بالرمو من الأسرة الخامسة, يشير معنى الاسم في اللغة المصرية القديمة إلى” الذى فوق بحيرته”، وهذا مرتبط بالطبيعة الطبوغرافية لإهناسيا قديماً حيث كانت إهناسيا تقع أجزاء منها على بحيرة قديمة هى “بحيرة موريس”، أو أنها كانت تقع على بحر يوسف أو أحد فروعه، وأن هذه الفروع اختفت نتيجة لعملية التصحر التي شهدتها مصر الغربية قديماً.
– وقد لعبت دوراً مهماً فى التاريخ المصري القديم, كما تعد مركزاً دينياً مهماً مثل هليوبوليس وهرموبوليس, وتعتبر من أقدم المدن المصرية القديمة حيث جاء لقب ” نسوت ” الذي أُطلق على الأمراء المحليين الذين أصبحوا بعد ذلك ملوكاً من اسم إهناسيا منذ عصور ما قبل التاريخ, ووردت إشارة لها على حجر بالرمو من الأسرة الخامسة, حيث ذُكر تتويج الملك منذ الأسرة الأولى فى معبد حريشف بإهناسيا المدينة, وعندما كانت إهناسيا عاصمة لمصر, شهدت البلاد الحرب الأهلية بين البيت الإهناسى والبيت الطيبي, والتي انتهت بهزيمة الأخير وتوحيد البلاد تحت سلطة مركزية فى طيبة, وقد شهدت البلاد نهضة أدبية كبيرة فى فترة العصر الإهناسى على عكس سير الجانب السياسي ومن أمثلة النصوص الأدبية ” تحذيرات إيبو ور” و” تنبؤات نفرتى” و”قصة الفلاح الفصيح”.
– يذكر كتاب الموتى في الفصل السابع عشر أن تتويج أوزير وأبنه حورس تم في إهناسيا, وأن هذا التتويج حدث عندما اصبحت البلاد موحدة, وكانت إهناسيا مسرحاً للصراع بين حورس وست, حيث كانت مع البهنسا مكان للأحداث النهائية لمراحل الصراع بين حورس وست, وكانت ايضا مكان البداية لأحداث أسطورة هلاك البشرية حيث بدأت سخمت في قتل البشر في إهناسيا, كما كانت مكان احتفال بعيد مصري قديم هو عيد رفع السماء, وكان يتم الاحتفال به في بعض المدن المصرية القديمة خاصة منف وإهناسيا.
– وتعتبر منطقة إثار إهناسيا من المصادر المهمة عن تلك الفترة الانتقالية خصوصا بعد الاكتشافات الأثرية الحديثة التي أسفرت عن الكشف عن جبانة تؤُرخ بعصر الانتقال الاول حيث دُفن بها بعض الموظفين الذين عاشوا في تلك الفترة .
– تذكر بردية تورين 19 ملك من إهناسيا حكموا 409 عام, ويُرجع مانيتون أصل هذه الأسرة إلى مدينة إهناسيا, ويُرجع “بترى” أصل هذه الأسرة إلى الأصل الليبي مستندا في ذلك على وفود العناصر الأجنبية الى مصر في فترة الفوضى وإلى بعض الخراطيش التي ظهر أصحابها ملتحيين بلحى وشوارب قصيرة , وهناك رأي آخر يُرجع أصل الأسرة للأصول المصرية القديمة، وبدأت الأسرة عندما استأثر الملك “خيتي” أمير هيراقليوبوليس بالسلطة، وكان نفوذه لا يتعدى أبيدوس، وعُثر على اسمه مدونا في عدة مواقع حتى أسوان مما جعل البعض يفترض سيطرته على مصر العليا بالإضافة إلى مصر الوسطى.
– كان أمراء إهناسيا حكاماً محليين في البداية للإقليم العشرين قبل أن ينصبوا أنفسهم ملوكاً، ويبدو أن حكام الأقاليم الباقية اعترفوا بهم كملوك ومن بينهم حكام طيبة، وهذا تم في ظروف غامضة بعد الدخول في صرعات لم يتم الوصول إليها بعد، واكتسبوا شرعيتهم من كونهم ورثة شرعيين للعرش لملوك الدولة القديمة، ويدل على ذلك اتخاذ أثنين منهم لقب(نفر كا رع) وهو لقب الملك بيبى الثاني.
– حاول ملوك إهناسيا ان يسترضوا شعب منف، واعتبروا انفسهم ورثة العرش الشرعيين لملوك منف، واتخذوا لأنفسهم اسماء منفية مثل ” مري إيب رع” و” واح كارع” و” مرى كا رع” الذي بني لنفسه هرماً فى سقارة وهذا الهرم يعد الأثر الملكى الوحيد من عصر الانتقال الأول.

-- Advertisement --

– وقد قسم الملك “خيتي” الثاني الدلتا الى عدة اقسام تحت ادارة مركزية في منف, ويبدو أن شعب منف لم يرضى بسهولة أن يكون تابع لإهناسيا التي بدأت تقل مكانتها مع تفوق الاسرة المنفية، وقد استمرت الاسرة المنفية لبعض الوقت حتى بعد تنصيب خيتي الأول ملكاً على مصر، اما عن الأسرة الطيبية فى جنوب مصر فقد عاشت في سلام مع بداية العصر الإهناسى، وعندما بدأت تشعر الأسرة الطيبية بقوتها بدأت الحرب تشتعل ما بين إهناسيا وطيبة من جهة وبين إهناسيا والأقاليم الجنوبية من جهة اخرى، ولم تبدأ الحرب الحقيقية ما بين البيت الإهناسى والبيت الطيبي قبل عهد أول حكام الاسرة الحادية عشر” انتف الثاني” (أي ما بين عام 2140 حتى 2090 ق.م) والتي انتهت بواسطة ” نب حبت رع- منتو حتب الثاني” الذي استطاع الانتصار علي ملوك إهناسيا المدينة ويجمع البلاد تحت إشراف حكومة مركزية واحدة في جنوب مصر لينهي عصر الانتقال الأول ويبدء عصر جديد هو عصر الدولة الوسطي.

-- Advertisement --

Leave A Reply

Your email address will not be published.