بوابة الجمهورية الاخبارية موقع اخباري شامل يضم كافة الاخبار المحلية والعالمية واخبار الاسعار والحوادث والتقارير الاخبارية

تلين القلوب بالكلمة

- Advertisement -

بقلم: وئام أحمد إمام

مِن أرقىٰ و أجمَل و أنبَل مَا نُقدِمه لِمَن حَولنَا فالكلام الجمِيل مَن أكثر الأمُور التِي قد نَلجأ إليهَا للتعبِير عن كلّ مَا يَجُول فِي خَواطِرنا وكلّ مَا نشعُر به.

فجبر الخواطر لا يَعتمد علىٰ استخدَام كلمَات كثِيرة فالقلِيل مِنهَا يكفي، فنحن بحَاجة دائمًا لِمن يَحمِل عَنَّا شيئًا من الألم الذي ألم بِنا، بل هُو فنّ ولكن ليس كلَّ من تعلّمه أتقنه، فيظلُ الإنسَان فِي هذه الحيَاة مِثل القَلم الرصَاص (تبرِيه) العثرَات ليكتُب بخطٍ أجمل وهكذا حتّىٰ يفنىٰ القَلم فلا يبقىٰ له إلاّ جمِيل مَا كَتب ومهمَا كنَّا أقويَاء؛ فلن نستطِيع حَمل حقَائب الحيَاة وحدَنَا.

ولو تَحطّم لأحدٍ أمل فلا نَترُكه في مَهبِ الرِيح بل نَحتوِيهِ بابتسامة حَانِية، أجبرُوا الخواطِر بِكلمة وإلا فالصَمتُ هُو العِلم الأصعَب مِن عِلم الكَلام الذِي يَصعُب تفسِيره.

فالأخلاقِ تَجلِب لنَا أصدقَاءُ العُمر، ومهمَا كُنا أذكيَاء فستقُودنَا قُلوبنَا للغبَاءِ أحيَانًا ولكن لا نتأخر فِي فَهم قلوب الآخرِين، فربمَا يكُونُوا تحت الثَرىٰ عندمَا نَود أن نقول لهم كم كُنا نتوق لهم حبًا.

البُكاءُ نِعمة فمن نَراهُ يبكِي نحتَضِنه دُون حَدِيث فهذا الحُضن هُو ما يُرِيدَه بل هُو جَبر لخَاطِره المَكسُور؛ أما السَّهر مِن أجل سمَاع شَكوىٰ المَجرُوح جَمِيلْ حين نتصِت له بحب فهو اختارك لأنك الباب الذي فتحه اللّٰه لك وإذا لم تُحسن استقبال المجروح فلن يأتي لك، أما نِعمة النِّسيان فهِي دَواءٌ يَزُول مَفعُولهَا لَيلًا، فما أجمل أن نكُون فِي الحيَاة كمن يَمشِي علىٰ الرِمَال لا يُسمَع صَوته ولكن أثره وَاضح….هكذا يَكون جَبر الخَواطِر.

-- Advertisement --

وبين المُحبِين رُبما عَجزَت الرُوح أن تلتقِي بمن أحبت وعَجزت العَين أن تَرىٰ ولكن لم يَعجزُ القلب علىٰ النسيَان، حتىٰ إذا كان الطرِيق بينهمَا طوِيل ومُظلِم ومُحَاطٌ بالأشواك بل بينهمَا سِرب مِن الأسلاك، ولكن يَظلُ جَبر الخواطِر هُو القِندِيل الذِي يُنِير الطريق لهمَا، فما أجمَل الحيَاة عندمَا ننظُر إليهَا بإبتسَامة مُشرِقة وما أجمل الشَمس عِندمَا تُشرِق أشعتهَا الذهبِيه بالتفَاؤل.

الحيَاة لا تَخلو مِن الخيبَات، لكن مَن يَضَع نصبَ عَينَيه أن حَال السعَادة والحُزن لا يَدوم لأحد، فإنّه يعِيش حيَاته ببسَاطة ويَغتنِم كلَّ الفُرص فيهَا بل ويُنبت مِن اللاشيء فرحًا، حتىٰ وإن كان حَظّه مِن الخَيبَات يفُوق نصِيبه مِن السعَادة، فنَعتَقد أحيانًا أن حيَاة الأخرِين هيَ أفضَل منّ حَياتنَا والآخرين يَعتقِدُون أَنّ حَياتنَا أفضَل كل ذلك لأنّ نفُوسنَا تفتقِدُ القنَاعة.

يكُون الإنسَانُ غَرِيبًا عندمَا يَكُون جَسَدهُ فِي مَكَان ورُوحهُ فِي مَكَانٍ آخر، فالبعض يسقط ولكن القوِي فقط مَن يَتمَكن مِن النُهُوض عندمَا يَجد مَن يَقِف مِن ورَاءه ويحمِله فَوق أكتَافه ويقُول له: لا تحزَن كثِيرًا علىٰ افتقَادِ الجَمِيل، فأحيَانًا يَجِب أن يَرحَل ليأتِي الأجمَل الذي يَظل شَذَاه كاليَاسمِين يَفُوح فِي أرجاء المكان.

وإذا اعتَاد القلب علىٰ فقدَان الأشيَاء التِي يُحبّها؛ فلن يمُوت لأنه مِن المُخجِل التَعثُر مرّتين بالحَجرِ نفسه، فإنّك لا تدرِي إلىٰ أيّ مَصِير أنت ذَاهِب، فالأمُور علىٰ مَا يُرام فِي النهَاية فإن لم تَكُن كَذٰلِك فاعلم أنّهَا ليسَت النهَاية.

والتنَافُس مَع الذَات هُو أفضل وأرقىٰ تنَافس فِي العَالم وكُلمَا تنَافس الإنسَان مَع نَفسه تطوّر وكلما استطَاع الوصُول إلىٰ القُوه التِي تُمكِنه مِن جَبر خَاطِره بِنفسه سيكُون مَلِك بل سيشعر بأنه مازال علىٰ قيد الحياة.

-- Advertisement --

Leave A Reply

Your email address will not be published.