بقلم السفيرة الدكتورة / ماجدة الدسوقي
حاليا لا أحد ينكر أن العلاقات الدولية هي علاقات متعددة الثقافات بين الأمم على الرغم من وجود التباين المميز في التقاليد والإتجاهات الإجتماعية والفكرية والسياسية بين هذه الامم . ولكي تحافظ كل أمة على كيانها يجب عليها أن تُطوع وتُسخر مصادر التكنولوجيا لخدمتها وتُنشيء مصادر للطاقة وتنظم نفسها في تجمعات وهياكل متعددة للبقاء والدفاع عن نفسها وتطور أفكارًا ومفاهيمًا للحفاظ على بقائها وكينونتها . الأمة” نظام ثقافي ” والعلاقات الدولية هي التفاعلات بين الأنظمة الثقافية . استعمل القادة في بلدان العالم الثقافة للتعريف بأنفسهم وتأكيد سلطانهم وبناء علاقات دائمة ولكن هذا ليس الحال في السياسات الخارجية حيث يُعتبر التبادل الثقافي مرغوبًا فيه ولكنه ليس أساس السياسة الخارجية لأن وجهة النظر السائدة هي أن الدبلوماسية الثقافية تساعد على تأسيس ودعم العلاقات بين الدول ولكنها تبقى إضافية التأثير في القوانين الدولية والمعاهدات والكيانات المتعددة بين الدول والقدرات العسكرية ، وعلى الرغم من أن الدبلوماسية الثقافية تلعب دورًا هاما في العلاقات الدولية الا أنها لا تحظى بالإهتمام والمال إذا ما قورنت بالدبلوماسية الرسمية . تحاول الدبلوماسية الثقافية ، أكثر من أي وقت مضى ، أن تلعب دورًا حيويًا في العلاقات الدولية وتنبع هذه المحاولة من الإرتباط القوي للقيم الإنسانية المغروسة في الثقافة ، فالثقافة هي الوسائل التي نفهم بها بعضنا البعض كما أنها وجهة نظر فطرية القيمة والتي نستمتع بها ونبحث عنها . يعطينا بل ويوفر لنا التبادل الثقافي بين الأمم الفرصة لتقدير نقاط القواسم المشتركة وإن وُجدت الإختلافات الثقافية يجب عندئذٍ البحث عن فهم الدوافع والأسباب الإنسانية التي تكمن ورائها . إذا كانت السياسات الدبلوماسية تمارس تأثيرًا متزايدًا على الشؤون الداخلية والعالمية فإن الدبلوماسية الثقافية تؤسس ” لمنتدى مفاوضات ووسائل لإيجاد حلول مشتركة. ” تزودنا الإتفاقيات والسياسات الثقافية بفرصة كبيرة لبناء علاقات سياسية غير رسمية ، كما أنها تحافظ على فتح قنوات المفاوضات مع البلدان التي تكون فيها العلاقات الثقافية في خطر ، ” كما أنها تساعدعلى موازنة العلاقات مع تبدل الأزمنة مع قوى صاعدة مثل الهند والصين .” يقول خبراء العلاقات الدبلوماسية أن المعاهدات المستقبلية ستقوم على خطوط الفهم الثقافي مثلها مثل الجوانب الإقتصادية والجغرافية لأي قطر . إن هدف الدبلوماسية الثقافية هو تطوير فهم لمبادىء الأمة ومؤسساتها في محاولة لبناء ” دعم قوي للأهداف الإقتصادية والسياسية “وخلاصة القول ” تكشف الدبلوماسية الثقافية روح الأمة ” مما يخلق التأثير المرغوب فيه في المجتمع . ومن قوة تأثير الدبلوماسية الثقافية أصبح يطلق عليها مصطلح ” القوة الناعمة ” وهي القوة التي يمارسها الأدب والفنون والصحافة والإعلام لأنها تؤثر على الرأي الإجتماعي والرأي العام ولأنها تكسب العقول وتطوع العواطف وتغير سلوك الشعوب عن طريق التسامح وقبول الآخر وعقد المؤتمرات الدولية لمناقشة القضايا الملحة ومعالجة الأزمات ومواجهة التحديات التي تواجه الدبلوماسية الدولية وذلك لتخفيف حدة التوتر الذي يسود أحيانا ونزع فتيل الأزمات الخانقة . يقول كارل فرديريك أن القوة الناعمة هي ” القدرة على حمل الآخرين على القيام بما لم يرغبوا في فعله وإنشاء علاقة تبعية بين طرفين يستطيع من خلاله الطرف الأول أن يجعل الطرف الثاني يفعل ما يريد بسهولة . ” وعلى العكس مما سبق لا بد من الإشارة الى مصطلح ” القوة الصلبة ” وهي القوة العسكرية التي تُلزم دولة ما دولة أخرى بما. تريد والتصرف طبقا لما تمليه الدولة القوية فمثلا حرب الخليج الاولى عام ١٩٩١ مثال واضح على إستخدام القوة الصلبة .