دكتورة إيمان شاهين/ دكتوراة إداره المنزل ومؤسسات الأسرة والطفوله
تنبثق أهمية الأسرة في المجتمع من كونها مؤسسة اجتماعية، فتكوين الأسرة ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشري ودوام الوجود الاجتماعي، وتتجلّى أهمية النظام الأسري في المجتمع في النقاط الآتية:
تُعتبر الأسرة الخلية الأولى التي يتكوّن منها المجتمع، وهي أساس الاستقرار في الحياة الاجتماعية.
تُعتبر نشأة الأسرة وتطورها ثمرة من ثمرات الحياة الاجتماعية.
تُعتبر الأسرة الإطار العام الذي يُحدّد تصرفات أفرادها فهي التي تُشكّل حياتهم، فهي مصدر العادات، والأعراف، والتقاليد، وقواعد السلوك، وعليها تقوم عملية التنشئة الاجتماعية، ولكلّ أسرة بعض الخصائص الثقافية الخاصة.
وتؤثّر الأسرة فيما عداها من النظم الاجتماعية الأخرى وتتأثر فيها؛ فإن صلحت صلح المجتمع ككلّ وإن فسدت فسد المجتمع ككلّ.
تُعتبر الأسرة وحدةً اقتصاديةً، واجتماعيةً، ونفسيةً؛ لما توفّره لأفرادها من مستلزمات الحياة اليومية واحتياجاتهم؛ يُمكن اعتبار الأسرة وحدةً إحصائية؛ أيّ يُمكن اتخاذها أساساً لإجراء الإحصاءات المتعلقة بعدد السكان ومستوى المعيشة والنظام الطبقي، ويُمكن اتخاذها كذلك كعينة للدراسة والبحث وعمل المتوسطات الإحصائية؛ وذلك للوقوف على المشكلات الأسرية ورسم المخططات المثمرة للقضاء عليها.
تُشكّل الأسرة وسطاً لتحقيق غرائز الإنسان ودوافعه الطبيعية والاجتماعية. أهمية الأسرة تربوياً للتربية هدفان أساسيان هما؛ تكوين الفرد وصقل شخصيته، والمساهمة في ترقية المجتمع وتطويره، ومن الجدير بالذكر أنّ قيام الأسرة بدورها في الرعاية والتربية باعتبارها المؤسسة التي لا يُمكن الاستغناء عنها في هذه المجالات من شأنه أن يُساهم في إبراز أهميتها العظمى وهي الأهمية الاجتماعية.
تكمن أهمية الأسرة في أنّها تبني شخصية الطفل اجتماعياً ونفسياً لكي يكون قادراً على القيام بدوره في المستقبل، بحيث يُصبح الطفل قادراً على تحمّل المسؤولية، فيتمّ تعزيز قيم ومبادئ الاحترام والتقدير لذاته وللآخرين، فإذا ضعفت الخلية الأولى في المجتمع وهي الأسرة ضعف أساس الفرد ونقطة ارتكازه ممّا يؤدّي إلى معاناة المجتمع من الانحطاط الفكري والإنساني في العلاقات الإنسانية وغياب التكامل الاجتماعي بين مختلف أوساط المجتمع.
يُمكن تلخيص دور الأسرة التربوي فيما يأتي:
تُنشئ الأسرة الروابط الأسرية والعائلية للطفل، والتي تكون أساساً لتشكّل العواطف الاجتماعية لدى الطفل والتي تدفعه للتفاعل مع الآخرين. تُهيّئ الأسرة للطفل اكتساب مكانة معينة في البيئة والمجتمع، حيث تُعدّ المكانة التي توفّرها الأسرة للطفل بالميلاد والتنشئة محدداً مهمّاً لمعاملته في المجتمع ونظرة الآخرين إليه. تُعتبر الأسرة الوسيط الأول والموثوق لنقل ثقافة المجتمع إلى الأطفال، ونقل الثقافة من جيل الآباء إلى جيل الأبناء. تُمثّل الأسرة المرجعية الأولى للطفل في معارفه، وقيمه، ومعاييره، فهي توفّر للطفل المصدر الأول لإشباع الحاجات الأساسية له، وتُشكّل الأساس الاجتماعي والنفسي له أيضاً. تنفرد الأسرة بتزويد الطفل بمختلف الخبرات أثناء سنوات تكوينه الأولى؛ تكون الأسرة مسؤولةً عن تكوين القيم الروحية والوجدانية والخُلقية، وتعليم الأفراد أدوارهم المتوقعة منهم.
تُكوّن الأسرة الشخصية الإنسانية والقومية في المجتمع، وتغرس في أفرادها مفاهيم حب الوطن والانتماء إليه، وتعلّمهم التفاعل الاجتماعي وتكوين العلاقات الاجتماعية؛ تلعب الأسرة دوراً فاعلاً بكونها أكثر المؤسسات انضباطاً فمن خلال الرقابة والضبط الاجتماعي تعمل الأسرة على توجيه السلوك الوجهة السليمة التي تنسجم مع المجتمع؛ وظائف الأسرة الحديثة تُعتبر الوظائف الجوهرية والمتعددة التي تُناط بالأسرة ثابتةً وإن اختلفت مسمّياتها من باحث إلى آخر، وإن انتقلت من السعة إلى الضيق ومن التعدد إلى الانكماش بسبب التطورات الاجتماعية التي تطرأ على المجتمع، ويُشار إلى أنّ الأسرة الحديثة سُلبت بعضٌ من وظائفها؛ كالوظيفة الإنتاجية التي انتقلت إلى المصنع والوظيفة التعليمية التي انتقلت إلى المدرسة، لكنّ ذلك لم يجعل الأسرة تخرج عن وظائفها الأساسية، فعلى الرغم من ذلك حافظت الأسرة على وظائفها والتي يُمكن اختصارها في النقاط الآتية:
الوظيفة البيولوجية – وظيفة الإنجاب: التي تضمن للمجتمع نموه واستمراره وتزويده بالأفراد الجدد، فالأسرة هي المكان الطبيعي لإنجاب الأطفال بالصورة التي يُقرّها المجتمع وهو ما يُمكن أن يُسمّى بحفظ النوع الإنساني. إشباع الحاجات الأساسية: وتكون إمّا لاستقرار الحياة نفسها وهي الحاجات الفسيولوجية مثل الحاجة إلى الغذاء، والملبس، والمسكن، والرعاية الصحية، أو لعيش حياة بأسلوب أفضل بإشباع الحاجات النفسية والمعنوية، مثل: الحاجة إلى شعور الفرد بالأمان، وأنه شخص محبوب ومقبول من الآخرين، كما أنّه في حاجة إلى الشعور بالانتماء إلى جماعة تمنحه الثقة والتجاوب.
الوظيفة الاقتصادية: تُشارك الأسرة عن طريق أفرادها في عمليات الإنتاج الكلي في المجتمع، حيث أصبح الأبناء والزوجات يُشاركون في العمل وزيادة دخل الأسرة، كما أصبح للمرأة دور بارز في اتخاذ القرارات الاقتصادية المتعلقة بالشراء وفي ضبط ميزانية الأسرة.
الوظيفة التربوية: تُعتبر الأسرة البيئة الاجتماعية الأولى التي يبدأ فيها الطفل بتكوين ذاته والتعرف على نفسه عن طريق التفاعل مع أعضائها الذين ينقلون إليه ثقافة المجتمع، وبالرغم من انتقال جزء من وظيفة التربية والتعليم إلى مؤسسات نظامية في المجتمع تخضع لتخطيط وتنفيذ برامج موحّدة مثل المدرسة، إلّا أنّه ما زال للأسرة تأثيرات على التعليم والتنشئة الاجتماعية