لقد سجلت أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي ارتفاعًا قياسيًا وسط تخوّفات كبيرة من حدوث صدمة وأزمة اقتصادية عالمية جرّاء غزو روسيا لأوكرانيا. حيث قفزت أسعار النفط إلى قرابة الـ 140 دولارًا، وهي بذلك أعلى مستوى لها منذ حوالي 14 عامًا بالتحديد في عام 2008.
جاءت هذه القفزة في أسعار تداول النفط على منصات التداول المختلفة مثل منصة AXIA في الوقت الذي لمّحت فيه الولايات المتحدة الأمريكية بشكل أو بآخر، إلى خطوة فرض حظر شامل على شراء الطاقة من روسيا، موجهة دعوتها لباقي الدول بهدف زيادة الإنتاج والإمدادات. ولكن ذلك قُوبِلَ برفض شديد من قبل القادة الأوروبيون خاصة مع اعتماد أغلب دول أوروبا على الطاقة الروسية.
حيث قال رئيس وزراء هولندا أن دولته وغيرها من الدول الأوروبية تعتمد بشكل رئيسي على النفط الروسي والغاز الروسي وأن مجرد التوقف عن التعامل مع روسيا في هذا الملف، سيكون له تداعيات خطيرة على الدول الأوروبية كافة، خاصة وأنه من الصعب جدًا تأمين الإمدادات من أي طريقة أخرى في الوقت الحالي.
النفط الروسي.. هل من بدائل؟
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول أوروبا بالعمل على وقف هذه الحرب، حيث تدرس الولايات المتحدة الأمريكية إمكانية وقف صادرات الطاقة الروسية والتي تبلغ حوالي الـ 7 مليون برميل على أساس يومي وهو ما يمثّل حوالي الـ 7% من إمدادات الطاقة العالمية. مثل فرض هذه العقوبات قد يضغط على تداول اسعار النفط عبر مختلف منصات التداول عبر الانترنت مثل منصة AXIA لتتخطى حاجز الـ 150 دولارًا وقد يصل إلى أبعد من ذلك عند حدود الـ 300 دولارًا.
ومن ناحية أخرى، تسعى الدول الأوروبية إلى إيجاد حل للصفقة النووية مع إيران تسمح لهم باستئناف صادرات الطاقة الايرانية بهدف تعويض النقص العالمي في ظل التزام منظمة الأوبك بحجم إنتاجها اليومي دون أي تغيير. من جانبها، فان الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى التصرف بمفردها بعيدًا عن الدول الأوروبية بضرورة وقف الصادرات النفطية من روسيا والاعتماد بشكل أو بآخر على تنشيط إنتاج الغاز والزيت الصخري ولكن ذلك بحاجة إلى أشهر حتي يقوم بتعويض النقص في الإمدادات.
خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية باستطاعتها تحمّل وقف الصادرات النفطية الروسية والتي لا تتخطى حاجز الـ 700 ألف برميل على أساس يومي، بينما أوروبا تعتمد بنسبة تتخطى حاجز الـ 50 إلى 60% من حاجتها اليومية وهذا ما يجعل موقفهم في غاية الصعوبة في الوقت الحالي.
النفط الإيراني.. هو الحل؟
احتمالية عودة النفط الإيراني إلى الأسواق كانت قريبة خلال الأيام الأخيرة، الا أن روسيا قد عارضت محاولات التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، لتعلن طهران أنه لابد من الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف. الأمر الذي أبعد احتمالية الاعتماد على النفط الإيراني لسد العجز العالمي. حتى التوصل إلى اتفاق نووي ودخول النفط الإيراني حيز التصدير، وإقناع منظمة الأوبك بضرورة زيادة الإنتاج والإمدادات على أساس يومي بهدف سد العجز، سيكون هذا هو الوقت المناسب لفرض عقوبات على النفط الروسي بكل بساطة وأريحية.
حيث أن بإمكان دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التدخل والعمل على زيادة الإنتاج وذلك بوقف العمل مع روسيا في منظمة الأوبك بلس ولكن لا يبدو أن مثل هذا القرار سيحدث خلال الفترة المقبلة. ومن ناحية أخرى فإن الولايات المتحدة الأمريكية تضغط بشكل كبير على المملكة العربية السعودية في هذا الاتجاه ولكن لا يوجد أي مؤشر من قبل السعودية بتغيير وجهة نظرها في الوقت الحالي.