سقيفه بني ساعده
ايه عبد العزيز:
السقيفة هي بناء مسقوف واسع، له جدران من ثلاث جهات والجهة الرابعة وغالبا هي الجهة الشمالية المفتوحة، فيها بعض الأعمدة، ترتفع أرضيها قليلا عما حولها، وسقفها من جذوع الأشجار وجريد النخل غالبا، ويغطي بالطين، ويلتقي فيها أبناء القبيلة لمدارسه أمورهم، أو للترويح وللتسامر ومن أشهر السقائف سقيفه بني ساعدة، وهي في الجهة الشمالية الغربيه من المسجد النبوي، بين مساكن قبيلة بني ساعدة الخزرجية، وكانت رحبة واسعه، وكان يقربها بئر لبني ساعدة.
وتحولت هذه السقيفة فيما بعد إلي مبني تغيرت أشكاله عبر العصور وهي الأن حديقة تطل مباشرة على السور الغربي للمسجد النبوي.
سبب الاجتماع في السقيفه:
عندما توفي رسول (الله صل الله عليه وسلم )وشعر الأنصار هم و أهل المدينه المنوره أنهم ب أمس الحاجه إلي إختيار خليفة منهم يتولي شؤون المدينة وأمر المسلمين ف مدينتهم مهدده بعد وفاه الرسول_ صلى الله عليه وسلم_ من الأعراب ورجال القبائل، إذ يعرفون أن كثيرا من الأعراب وكثيرا من القبائل لم تؤمن، ولم يدخل الإيمان في قلوبها، وإنما أسلمت بالسانها خوفا من القوة التي بلغتها الدولة الإسلامية أيام رسول_ الله صلى الله عليه وسلم _خاصه أنه قد ظهرت الردة في بعض المناطق قبل وفاه الرسول_صلى الله عليه وسلم_.
احداث السقيفه:
بينما الصحابة من المهاجرين منشغلين بتجهيز رسول الله إذ نادي رجل علي عمر بن الخطاب من وراء الجدار قائلا: ” اخرج إلي يا بن الخطاب فقال عمر: إليك عني فإني منشغل عنك. فقال الرجل: إنه قد حدث أمر لا بد منك فيه؛ إن الأنصار قد يجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فأدركوهم قبل أن يحدثوا الأمرا، فيكون بينكم وبينهم فيه حرب! وعندما تاكد من الإستشراف لهذا الأمر والتحفز للبيعه، أقبل إلي أبي بكر ( وكان مع علي رضي الله عنه منشغلون في تجهيز رسول الله قائلا: أن أخرج إلي! فراجعه قائلا : إني منشغل بجهاز رسول الله فرد عليه عمر بأن قد حدث أمر لابد لك من حضوره!.
فخرج إليه أبي بكر فقال عمر: أما علمت أن الأنصار قد إجتمعت في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولوا الأمر سعد بن عباده. وأحسنهم من قال: ” منا أمير ومن قريش أمير” فمضوا مسرعين نحوهم. فلقيا أبا عبيده بن الجراح فتماشوا إليهم ثلاثتهم، فلقيهم عاصم بن عدي، وعويم بن ساعده. فقالا لهما: إرجعوا فإنه لا يكون ما تريدون. فلم يصغوا إلي قولهم حتي وافوهم مجتمعين بالسقيفه.
كان الأنصار قد اجتمعوا في السقيفة وكان سعد بن عباده زعيم الخزرج مريضا فأخرجوه معهم وهو لا يقدر أن يسمع الناس ما يقول فكان يبلغ عنه بعض من ذوي قربته ما يقول في خطبته يرفع به صوته ليسمع الناس.
عندما وافوا السقيفة وإذا هم فيها، إذ راوا بين أظهرهم رجل مزمل فقال عمر: من هذا؟ قالوا: سعد بن عباد،قال عمر: فما له؟ قالوا: هو وجع، فلما جلسوا، تكلم خطيب الأنصار، فأثني علي الله، بما هو أهله، ثم قال: أم بعد فنحن أنصار الله وكتبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دفت دافه من قومكم وإن رسول الله كان إذا استعمل رجلا منكم قرن معه رجلا منا، فنري أن يلي هذا الأمر رجلان، أحدهما منكم والأخر منا، فإن والله ما ننافس عليكم هذا الأمر، ولكنا نخاف أن يليه أقوام قتلنا آباءهم وإخوانهم. فقال له عمر: إذا كان ذلك فهمت إن إستطعت.وكان عمر قد أعد كلاما أراد أن يقوم به فيهم، فقال له أبو بكر علي رسلك يا عمر حتي أتكلم، ثم أنطق بما أحببت، ولما نطق الصديق يقول عمر: فما من شي كنت أردت إلا وقد أتي به وزاد عليه.
بدأ الصديق _رضي الله عنه_ حديثه بحمد الله، والثناء عليه بما هو أهله ثم قال: إن الله بعث محمدا رسولا إلي خلقه، وشهيدا علي أمته ليعبدوا الله ويوحدوه، وهم يعبدون من دونه آلهه شتي، ويزعمون أنها تشغع لهم عنده، وإنما هي من حجر منحوت، وخشب منجور، قال تعالي:( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله)،( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله) فعظم علي العرب ترك دينهم، وخص الله تعالي المهاجرين من قومه بتصديقه والإيمان به، والصبر معه علي شده أذي قومهم لهم، وتكذيبهم إياهم.وغير ذلك لم يستوحش المهاجرين الله عددهم، واجتماع قومهم عليعم، فهم أول من عبد الله في الأرض، وآمن برسوله ونحن عشيرته وأقاربه وذو رحمه ولن تصلح العرب إلا برجل من قريش، فالناس لقريش تبع، وأنتم إخواننا في كتاب الله وشركؤنا في الدين وجعل الله إليكم الهجره، وفيكم أزواج رسول الله وأصحابه، فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا أحد بمنزلتكم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء لا نقضي الأمور إلا بمشورتك.
مبايعه ابي بكر الصديق:
وقد أقبلت القبائل لمبايعه أبا بكر حتي كادوا يطئون سعد بن عباده حتي قال بعض أصحاب سعد لا تطئوه، فقال عمر: اقتلوه قتله، الله ثم حمل سعد إلي داره، فأرسل إليه أبو بكر أن أقبل فبايع، وبايع قومك، فقال: أما والله حتي أرميكم بما في كناني وأخضب رمحي ما بايعتكم حتي أعرض علي ربي وأعلم حسابي. أراد عمر أن يحسم امر عباده قائلا: لا تدعه حتي يبايع، فقال بشير: أنه قد أبي وليس بمبايعكم حتي يقتل، ولبس بمقتول، فاتركوه ليس بضاركم، إنما هو رجل واحد فتركوه وقبلوا بمشوره سعد ، الإ أن سعد بن عباده كان لا يصلي بصلاتهم ولا يحج حتي هلك أبو بكر.فتمت البيعه.